احمد عبد اللطيف النجار

بسم الله الرحمن الرحيم

القصص الهادف
$$$$$$$$$$$

                                أخ !
                         بقلم / أحمد عبد اللطيف النجار
                                 أديب ومفكر مصري
                      $$$$$ ليست مجرد قصة  $$$$$$
$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$
عندما يصطدم الإنسان بحجر ويقع يقول أخ !.. ويا لها من كلمة صغيرة تعني الكثير ، فالأخ مفقود والابن مولود !!
والإخوة ينبغي أن يكونوا دائماً متحابين ، متحدين لأن ما يجري في عروقهم  هو دم واحد وينتمون إلي أب وأم واحدة !!
يحزنني كثيراً أن أرى ( بعض) الإخوة يعيشون كالأعداء والخصوم المتحاربين ، وقد تنبع صفات الأثرة والأنانية وحب الذات في بعض الأبناء نتيجة سوء التربية من الوالدين وتدليلهم الزائد عن الحد لأحد الأبناء فينشأ على سمات الأنانية وحب الذات ، وقد تكون هذه الصفات وراثية أو أصيلة في ذلك الابن !
ذلك ما حدث معي أنا شخصياً و مع صاحبي عبد الحميد الذي جاءني ذات ليلة وهو حزين مهموم قائلاً : أنا رجل تجاوزت الستين من عمري ، تنبهت للحياة فوجدتني الابن الأكبر لأب رحل عن الحياة ولي من الإخوة اثنان ، أخي الأصغر شاهين  وأختي حميدة ؛ ونواجه كلنا الحياة بمعاش أبي البسيط وترعانا جميعاً أمنا المكافحة ، وكعادة الابن الأصغر كانت مطالب شاهين كثيرة ولا تراعي ظروف حياتنا الصعبة ؛ في حين كنت أنا وأختي حميدة نصبر على ظروفنا ونشفق على أمنا ونلتمس لها الأعذار ... حين بلغت المرحلة الثانوية خرجت للعمل لمساعدتها على أعباء الحياة ، واختصرت طريق التعليم ، فالتحقت بأحد المعاهد المتوسطة  وعملت بعد تخرجي مع مقاول من أصدقاء أبي القدامى ، وساهمت بدخلي البسيط في مواجهة تكاليف الحياة ونفقات تعليم أخي وأختي ... مضت بنا الحياة بحلوها ومُرها  وحصل شاهين على الثانوية العامة  وأصرّ على الالتحاق بكلية الهندسة بالرغم من نفقاتها العالية وراجعته أمي في قراره فلم يقبل التنازل عن رغبته ؛ وشجعته أنا بالرغم مما سوف يمثله ذلك من أعباء إضافية علينا جميعاً ، بعد عامين آخرين أنهت شقيقتي حميدة دراستها وحصلت على مجموع كبير  وأرادت أن تختار دراسة غير مُكلِفة ، لكني لم أقبل لها إلا ما يؤهله لها مجموعها  والتحقت بكلية الإعلام ، وتحملنا ظروفنا الجديدة وتكاليف علاج أمي إلى أن تخرج أخي شاهين  وعمل ، ثم تخرجت أختي حميدة وعملت ، وبدأت أتنفس الصعداء  وأفكر في الزواج ، ففوجئت بأخي شاهين  يعلن رغبته في الزواج من زميلة له في الجامعة ويصرّ على التعجيل بالزواج خوفاً من ارتباطها بإنسان آخر ، ولم يعجب ذلك أمي وصارحتني برأيها  ، لكني لم أر غضاضة في تأجيل زواجي لفترة قادمة ،  تزوج شاهين ومن بعده أختي حميدة من رجل كريم وسعدنا بزواجها وتوفيقها في حياتها ، وخلا البيت علىّ أنا وأمي  واشتد المرض عليها ، وبعد فترة قصيرة  انتقلت ست الحبايب إلى جوار ربها وهي راضية عني  وعن أختي داعية لنا بالستر والعافية ، أما أخونا الأصغر شاهين فقد ماتت أمي وهي غاضبة عليه لتقصيره معها خلال مرضها وسوء معاملته لها .... خلت الدنيا علىّ ووجدتني وحيداً وقد رحلت أمي عن الحياة ، واستقل أخي بحياته مع زوجته وأسرته وأختي مع زوجها وأسرتها ، وتزوجت أنا من أزهار وهي فتاة ذات خُلق ودين ومن أسرة كريمة ، وواصلت حياتي راضياً بما قسمه الله لي وأنجبت الأبناء وحققت نجاحاً لا بأس به في عملي ، وتذكرت أمي دائماً وهي تدعو لي بالبركة في حياتي ومالي وأسرتي .
ذات يوم خلال عودتي من عملي تعرضت لحادث تصادم أدى إلى إصابتي إصابة شديدة في العمود الفقري وعجزت عن الحركة نهائياً  وطال علاجي دون جدوى ، ووجدت نفسي وأسرتي وأولادي في موقف عصيب ، فقد صرفت كل ما أملك  على العلاج ولم يعد لي أي مدخرات بالإضافة إلى انقطاعي عن الذهاب للعمل ، وقال لي أحد الأطباء أنه من الممكن إجراء جراحة لي في العمود الفقري بألمانيا ، ومن الممكن أن أعود للحركة من جديد ، بل وساعدني ذلك الطبيب المحترم جزاه الله خيراً على اتخاذ إجراءات الجراحة  في الخارج على نفقة الدولة ، وصدر  لي القرار بالفعل  ولكن بمبلغ لا يكفي وحده لمواجهة تكاليف الجراحة  على أساس أن أتحمل الفارق في التكاليف ، ولم أجد بين يدي المبلغ المطلوب وأظلمت الدنيا في وجهي  ، وفي ظلام اليأس لمع في ذهني خاطر ، ماذا لو ساعدني شقيقي الأصغر شاهين الذي رعيته وربيته وأخّرت زواجي من أجله .. ماذا لو ساعدني في تدبير هذا المبلغ الناقص ولو على سبيل القرض الحسن بحيث أرده له عندما تتحسن
الأحوال وبعد أن أستعيد صحتي وأعود للعمل .
ذات يوم دفعت زوجتي مقعدي المتحرك أمامها وتوجهنا إلي بيت أخي شاهين ، وصارحته بالموقف وطلبت منه المبلغ الناقص لإتمام العملية  الجراحية اللازمة لي ، ففوجئت به يرفض ذلك بعصبية وليته قد رفض معتذراً بعدم قدرته على تحقيق مطلبي ، لكنه رفض طلبي بقسوة وأهانني أنا وزوجتي وكادت زوجته تطردنا من بيتها ، فخرجنا مختنقين بالدموع والإحساس المرير بالإهانة والجحود، ليس لأنه رفض مساعدتي وقد كان قادراً على ذلك ، وإنما لأنه قد أهاننا وجرح مشاعرنا  ولم يترفق بنا في الرفض !!
رجعنا إلي البيت وقد ازدادت الدنيا ظلاماً في أعيننا ، ولم يتوقف دمع زوجتي أزهار منذ غادرنا بيت أخي وحتى طلوع الفجر ، وفي اليوم التالي زارتني أختي حميدة وزوجها على غير انتظار ، وقبل أن أحكي لها أي شيء عما حدث بالأمس بيني وبين أخي ، فوجئت بها تبلغني أنها وزوجها سوف يتحملان الفارق في تكاليف الجراحة بالخارج وبغير أن أطلب منهما شيئاً !!
والله يا صاحبي انفجرت ساعتها باكياً رغماً عني واحتضنت أختي وشكرتها كثيراً وبكت زوجتي ولكن من الفرحة هذه المرة ، وخلال فترة قصيرة كنت قد أنهيت إجراءات السفر وسافرت وأجريت العملية الجراحية وأتم الله نعمته علىّ ونجحت الجراحة واستعدت قدرتي علي الحركة ، وكان اليوم الذي استطعت الوقوف فيه  على قدمي والسير على الأرض يوماً مشهوداً في حياتي ، ولهج لساني يشكر الله اللطيف بعباده  ، وشكرت أختي وزوجها الكريم ، وجاء موعد العودة وركبت الطائرة عائداً إلى بلدي ، وتوجهت من المطار إلي بيت أختي حميدة مباشرة لأشكرها فكانت فرحتها برؤيتي أسير على أقدامي طاغية وقبّلتها عدة مرات وشكرتها ورجعت إلي بيتي لأرى أولادي ، وبعد فترة قصيرة للنقاهة عدت لعملي مرة أخرى وعملت في شركة كبرى للمقاولات بمرتب كبير وبدأ مستوى معيشتي يتحسن تدريجياً والحمد لله ، وكانت صلتي بأخي شاهين قد انقطعت نهائياً منذ أهانني وجرح مشاعري ، وهو أيضاً لم يسع من ناحيته لأن يستعيد صلته بي أو يعتذر عما فعل أو يخفف من إحساسي بالمرارة تجاهه !
واصلت حياتي وعملي واهتممت بزوجتي وأبنائي وحرصت كل الحرص على صلة الرحم بيني وبين أختي حميدة الوفية المخلصة زوجها الكريم وأولادهما ، إلى أن جاء يوم وفوجئت بمن يخبرني بأن أخي شاهين مريض وفي العناية المركزة بأحد المستشفيات وحالته خطيرة ، فانزعجت بشدة لما سمعت وهرولت إلى المستشفى
وقد نسيت كل ما فعل ولم أعد أذكر سوى صورته وهو يحتمي بي ويرهقني بطلباته الصغيرة فألبيها له بحب وعطف على يتمه وحرمانه !
في المستشفى لم أجد زوجته إلى جواره ووجدت بعض الزملاء والأصدقاء ، فسألت عما جرى وقيل لي أنه واجه ضائقة مالية استمرت فترة طويلة ، فلم تتحمل زوجته التي لم تتعود على الصدمات ذلك  وأخذت ما تبقى من ماله وتركته طالبة الطلاق ، ولم يحتمل هو ذلك وانهار وأصيب بنزيف حاد في المخ وحدث ما حدث !
ظل أخي شاهين في غيبوبة كاملة إلى أن رحل عن الحياة منذ أسابيع ، فقمت بواجبي الأخير تجاهه وترحّمت عليه وشيعته إلى مثواه الأخير  وأنا أعجب لهذه الدنيا الفانية التي لا يتعلم الإنسان دروسها أبداً إلا بعد فوات الأوان ، وأصارحك القول يا صاحبي أنني حزنت على رحيله عن الحياة ويُتم أولاده حزناً مشوباً  بالمرارة تجاهه ، وتساءلت بيني وبين نفسي : لماذا لم يكن شاهين يرحمه الله الأخ البار لي كما كنت الأخ البار له ؟!.. لماذا لم يحرص على إرضاء أمه التي تحملت شقاء السنين من أجل أبنائها  وماتت وهى غاضبة  عليه ؟! .. ماذا أخذ معه من متاع الدنيا الفانية وقد قطع رحمه وأهان أخاه الأكبر الذي رعاه من بعد أبيه؟!
.. صاحبي عبد الحميد يتساءل بمرارة أسئلة بديهية كان من الواجب على أي إنسان يحترم آدميته أن تكون أجابتها حاضره في عقله وضميره ، لكن تلك مشيئة الله ، وأنا بدوري أتساءل : أمعقول هذا ؟! ... أيمكن أن تصل الكراهية بين الأشقاء إلى هذا الحد ؟!... لقد عشنا في تلك المأساة واقعاً حياً لكلمة ( أخ ) ورأينا كيف كانت العلاقة بين الأخ الأكبر وأخيه الأصغر المتشبع بالأنانية وحب الذات والنرجسية !!
المرارة مترسبة في أعماق عبد الحميد وله عذره في ذلك ، فالمرء قد يحمل أحياناً لبعض الراحلين عنه مثل هذه المشاعر المتضاربة ، فيحزن لرحيلهم ويأسى في نفس الوقت لأنهم لم ينتهزوا فرصة العمر لإصلاح أخطائهم في حقه والتكفير عن جنايتهم عليه لكي يكون حزنه عليهم خالصاً دون شوائب ومرارات !
رغم كل ما حدث فمن الأكرم لنا دائماً أن نحاصر تلك الأفكار السوداء الحزينة بداخلنا ، ولا ينطق بها لساننا بقدر الإمكان وذلك اقتداء بهدي من أدبه ربه فأحسن تأديبه .. الذي هدانا صلوات الله وسلامه عليه أن نذكر محاسن موتانا ونتجاوز عن سيئاتهم بعد أن أصبحوا بين يدي من لا يُظلم عنده أحد ، ولا ننسي قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم  ( لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه ويبتليك )
وأيضاً لا ننكر أن أخيك الراحل يرحمه الله قد أهانك بالفعل  عندما رفض أن يساعدك في مرضك وكان رفضه غليظاً هو وزوجته ولم يترفق بك  ولم يردك رداً كريماً هيناً معتذراً لك بضيق ذات يده أو عجزه عن توفير المبلغ المطلوب ، ولو كان أخيك شاهين يرحمه الله قد أنصف نفسه لأدرك حين اجترأت زوجته على أخيه الأكبر وطردته من بيت أخيه هو زوجته ؛ لأدرك حينها أن مثل هذه الزوجة قد تتخلى عنه هو أيضاً في محنته كما تخلى هو عن شقيقه الأكبر في محنته ، وكما دين تُدان !!...... كما تدين تُدان !!!!
لا تحزن يا صاحبي ، فما حدث لك يحدث في كثير من الأسر والمجتمعات ، لكنه من لطف الله يكون بمثابة حالات شاذة ، فإسلامنا دين المودة والبر والعطف والرحمة وصلة الأرحام ، ولا أخفيك سراً أنني شخصياً واجهت ( وما زلت) نفس الموقف الذي تعرضت له ومع شقيقي الأصغر أيضاً !... هدانا وهداه الله .
ويكفيني فخراً وسكينة نفس أنني حاولت صلة رحمي معه أكثر من عشر مرات، في حياة أمه وأمي ست الحبايب يرحمها الله ،،  وهو يعرض عني ويركبه العناد ، وإنك لا تهدي من أحببت والله يهدي من يشاء.
       $$$$$$$   الله يهدي من يشاء ... الله يهدي من يشاء $$$$$$$
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                               أحمد عبد اللطيف النجار
                            أديب ومفكر مصري
  # إقرار  علي مسئوليتي الشخصية والأدبية والمهنية .......
       جميع الأسماء والأماكن الواردة بقصصي من بنات أفكاري ( يعني من وحي خيالي ) وإن
       كانت الأحداث والوقائع حدثت بالفعل وحقيقية 100% ــ  هدفي هو نشر نوع جديد و
       مبتكر من الأدب الإسلامي والإنساني الواقعي يسمو بالروح إلي آفاق رحبة من الرقي والحب
       والتسامح ونشر الوعي الإسلامي بين كل الفئات بأسلوب سهل بسيط  لا تعقيد فيه ولا غموض
   شباب هذا العصر لا يقرءون  ولا يهتمون مطلقاً بالقراءة لانشغالهم بالانترنت والفيس بوك  ذلك العالم السحري الذي لا حدود ولا أوطان له ‘ فصار العالم كله قرية صغيرة ،، فكان و لابد من التفكير في إبداع أدب إنساني جديد يناسب تفكير شباب وفتيات القرن الحادي والعشرين ، وقد أخذت على عاتقي التفكير بجدية في ابتكار ذلك الأدب الهادف في سطور قليلة سريعة القراءة وفي نفس الوقت سريعة التأثير في النفس ، وقد وفقني المولي عز وجل في تأليف أكثر من   1500 قصة قصيرة أو ممكن تسميتها نصوص أدبية من الأدب الواقعي الذي يعالج نقائص النفس البشرية ويداوي جراحها !! وما زال التأليف مستمراً !!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ياسر مهدي عمر

شعبان البدرماني