أحمد عبد اللطيف النجار
بسم الله الرحمن الرحيم
القصص الهادف
جنون الحب
بقلم / أحمد عبد اللطيف النجار
أديب ومفكر مصري
$$$$$$ ليست مجرد قصة $$$$$$$
$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$
الحب .. آه من الحب !!
آه من تلك الكلمة العذبة الحانية وما تفعله ببني آدم حين تتحكم فيه وتتغلغل في كيانه ويصبح أسيراً ذليلاً لها ، وأحياناً كثيراً نراه منقاداً خاضعاً لمنْ يحب ... هذا ما عرفناه من سيرة مجنون ليلي وغيره من سيرة المحبين والعاشقين !
المفروض في الحب أنه شعور راق ، حسّاس يفيض بأنواره علي الناس بالنورانية والشفافية بحيث نري المحبين ملائكة تمشي علي الأرض ، لكن ما بالنا نرى حولنا نماذج شاذة عجيبة تتمسح في كلمة الحب ويدّعي أصحابها أنهم من المحبين المتيّمين !
هم في الواقع الملموس يعيشون أساري لمنْ يحبون ، يطيعونهم طاعة عمياء ، عاجزين خاضعين ، يعجزون عن التعبير عن إرادتهم ، ذلك أنها غالباً إرادة مسلوبة !
صاحبي أحمد شاب يافع لم يتعد الثلاثين من عمره جاءني ذات ليلة مهموماً يقول : نشأت في أسرة متماسكة أنا فيها الولد الوحيد بين ثلاث فتيات ، أشعرني أبي منذ طفولتي البريئة أنني رجل البيت المسئول عن حماية أخواتي البنات ، واستقر هذا الإحساس في وجداني فحاولت أن أكون عند حسن ظن أبي وعلى مستوى
المسئولية ... مرت الأيام والتحقت بإحدى المدارس الثانوية وأصبحت مسئولاً مسئولية كاملة عن أسرتي وحصلت على الثانوية العامة بمجموع كبير والتحقت بكلية الآداب ، فواصلت الدراسة فيها بنجاح حتي وصلت إلى سنة الليسانس .
ذات يوم رأيت فتاة جميلة ملائكية الملامح ، تلك هي نسرين .. رأيتها تقف أمام عمارة قريبة من عمارتنا فلفتت انتباهي بشدة وخفق قلبي بعنف عند رؤيتها ، فتسمّرت مذهولاً أمامها ولاحظت هي أنني انظر إليها بلا حراك كالتمثال تماماً مما دفعها للضحك !
رغم خجلي وارتباكي فإنني لم أغادر مكاني حتى فوجئت بها تسألني عما أصابني ؟!... فتغلّبت على خجلي وقدّمت لها نفسي .. سألتها عن عنوانها وأبلغتها برغبتي في التعّرف علي أسرتها ، ودُهِشت عندما وجدتها تعطيني العنوان !!
عدت لبيتي ورويت لأمي ما حدث من الفتاة وطلبت منها أن تزور أسرتها لتتعرف عليها تمهيداً للتقدم لخطبتها في المستقبل ، وافقت أمي رغم اعتراضها على تسرّعي ... بعد يومان اصطحبت أمي شقيقتي وزارت أسرة نسرين زيارة تعارف ، وطلبت منها زيارتهما واستجابت نسرين لرغبتهما ، وتكررت زيارتها لنا ، وتركزت حياتي كلها حول تلك الفتاة الملائكية ، حتى أنني أقوم بتوصيلها كل صباح إلى الجامعة وأعيدها بعد الظهر إلي البيت ، وكل ساعة اتصل بها تليفونياً أو تتصل هي بي ، وفي الصيف بدأت استعد للخطبة ، ففوجئت بها تطلب التأجيل حتى لا تعطلها الخطبة عن استكمال دراستها ، صعقت لهذا الطلب وحاولت بشتى الطرق إقناعها بأن نعلن خطبتنا ، لكنها رفضت حتى تنتهي من دراستها وأكدت بأنها لن تكون لأي إنسان آخر سواي وأنه لا داعي للتعّجل !
بعد فترة لاحظت تغيّرها وندرة اتصالاتها التليفونية بي ، ثم بدأت تتململ من ملازمتي لها في الذهاب للكلية وتطلب مني عدم توصيلها لأن ذلك يطلق فيها ألسنة زملائها وزميلاتها !
حاولت بكل الطرق استعادة حماستها القديمة بلا فائدة ورسبت في البكالوريوس بسبب انشغالي الشديد بها وحزنت أسرتي كثيراً لحالي!
ذات يوم فوجئت بنسرين تأتي لزيارة أمي وأختي وفي يدها بطاقة دعوة مُزيّنة بالورد الأبيض ، لقد كانت تدعوهم لحضور حفل عقد قرانها علي شخص آخر غيري ، لا أعرف متى عرفته وارتبطت به !
ساعتها دُهِشت لأنها قبلت عقد قرانها بدون خطبة لذلك الشخص وهي التي كانت تخشى أن تعّطلها خطبتي لها عن استكمال دراستها !
كانت الصدمة عنيفة عليّ فساءت حالتي النفسية وأهملت نفسي وملابسي وزهدت في الخروج ، وذات يوم جاءني صديق وحدّثني عن نسرين وكيف أنها لم تكن مخلصة لي منذ البداية وأنها لا تستحقني ، فلم أقبل منه هذا الكلام في حق الفتاة ! ورفضت أن يسئ إليها بكلمة قائلا له أن لها عذرها لأنني لم أتخرّج بعد ن وانصرف عني صديقي غاضباً .
تزوجت نسرين وانقطعت الصلة بيننا نهائياً واكتفيت بالحسرة وأنا أرقبها كل يوم من نافذة حجرتي تنزل مع زوجها في سيارته أمام عمارتها .. تضحك سعيدة وكأنها لم تطعن كرامتي وتخون حبي !
حاولت الخروج من محنتي بتركيز جهدي في الحصول على البكالوريوس وتفرّغت للاستذكار ، وفجأة ظهرت نسرين مرة أخرى في حياتي فزلزلت كياني ، حيث فوجئت بها ذات يوم تزور أمي وتبدي ندمها علي عدم الزواج مني، وكيف أن زوجها يسئ معاملتها هي وأسرتها وأنها تريد أن تتخلص من ارتباطها به ، فإذا بكلماتها تمسح كل آلام الغدر والخذلان التي عشتها عاماً كاملاً ، وإذ بي أبدي استعدادي لأن أقوم بأي شئ تطلبه مني يحقق لها سعادتها !
استغرقت تماماً في انشغالي بنسرين وبكل ما يحدث لها من مشاكل وخلافات مع زوجها وجاء موعد امتحان البكالوريوس وأديته وأنا مُشتت الذهن ، فكانت النتيجة أن رسبت مرة أخرى !
غضب مني أبي غضباً شديداً وأمر أمي وأختي بقطع صلتهما بهذه
الفتاة وطالبني بنسيانها تماماً وأن اختار أي فتاة أخري ليخطبها لي، لكني ضعفت أمام حبي لنسرين ، خاصة بعد أن انفصلت عن زوجها ، فتشجعت وطلبت أن أتقدم لأسرتها لكنها طلبت مني الانتظار حتى أحصل علي البكالوريوس أولاً ، فوافقت مضطراً وشجعتني أمي وأختي علي الاستذكار وطلبتا من نسرين مساعدتي علي ذلك بالإقلال من اتصالها بي كي أتفرغ للامتحانات ، وتفرغت تماماً للمذاكرة وواصلت الليل بالنهار إلي أن انتهيت من امتحان آخر مادة، وهرولت سعيداً إلى البيت لأتفق مع أمي علي تحديد موعد للخطبة ، فما أن وصلت شارعنا حتى لفت نظري وجود أنوار وزينات يتم تركيبها على واجهة العمارة التي تقيم فيها نسرين ، فأحسست بانقباض شديد لا أدري له سببا ، وعدت للبيت وسألت أمي عن سبب هذه الزينات ، فارتبكت وحاولت تغيير الموضوع وألححت عليها في السؤال فإذا بها تخبرني أن نسرين قد خُطبت وأنا مستغرق في الاستعداد للامتحان ، وأن اليوم هو موعد عقد قرانها السعيد !.. يا إلهي !!.. أتفعل هذا بي بعد كل هذا الحب والإخلاص ؟!
صارحتني أمي بأن هذه الفتاة غادرة وسيئة ولم تحبني يوماً ، وأنها لم تترك زوجها السابق من أجلي بل من أجل ذلك الشخص الذي عُقد قرانها عليه وأن عليّ أن أنساها نهائياً لأنها لا تستحقني .
كانت الصدمة قاسية عنيفة فساءت حالتي النفسية مرة أخرى إلي أقصى حد ، وكرهت الخروج ومقابلة أصدقائي الذين يعرفون كل شئ ولهم رأي سيء في نسرين ... احتفلت نسرين بعقد قرانها احتفالاً صاخباً ، وبدأت أراها كل يوم من نافذة حجرتي تدخل العمارة وتخرج منها في صحبة شاب وسيم والسعادة تتفجر من وجهها ، وبعد فترة قصيرة تزوجت وانتقلت إلى عش الزوجية ، واستراحت أمي لابتعادها عن الحي الذي نعيش فيه وبدأت تعرض عليّ صور فتيات جميلات من الأسرة والمعارف كي أخطب إحداهن ، لكنني كنت دائماً اعتذر لها لأن قد كرهت كل البنات ولم أعد في الزواج نهائياً !
بدأت ابحث عن عمل لأنسى آلامي وأكرمني الله بوظيفة مناسبة وانشغلت بعملي عن كل شئ ، ورضي أبي عن استقراري فترك لي سيارة الأسرة كي استخدمها في تنقلاتي ، وفي دائرة عملي تقرّبت مني أكثر من فتاة لكن نفسي كانت قد عافت خوض التجربة مرة أخرى فانصرفن عني يائسات واتهمنني بالغرور وثقل الدم وبأنني إنسان مُعّقد !!
ذات يوم تحّدث معي أبي حديث رجل لرجل ، قال لي إن الإنسان يستطيع أن يحب أكثر من مرة في حياته ، وأنني بامتناعي عن الزواج بسبب فتاة غادرة إنما أظلم نفسي وأظلم فتاة أخرى وأحجب عنها حظها في الزواج مني !.... اقتنعت بكلامه وسعدت بذلك كثيراً ، فحجز لي شقة فاخرة في حي المعادي الراقي ودعاني لزيارة بيوت أقاربه وأصدقائه معه لعل وعسي تعجبني إحدى بناتهن ، وقمت معه بالفعل برحلات مكوكية كثيرة للأقارب والأصدقاء وأخيراً مالت نفسي إلى سوسن إحدى فتيات العائلة ، وشجّع أبواي هذا الميل عندي بكل حماس لرقة الفتاة وكرم أخلاقها وجمالها وطيبة أبويها ، ووجدت لدى سوسن ميلاً واضحاً تجاهي ، فتقدمت لخطبتها وسعدت العائلة كثيراً بذلك ، أما خطيبتي فقد فاقت سعادتها كل وصف وعبّرت لي عن حبها بكل الطرق المحترمة واعترفت لي بأنها تمنتني لنفسها منذ أول مرة رأتني فيها ، والحمد لله كانت سوسن بريئة المشاعر وطيّبة إلى حد السذاجة ، وبدأ قلبي يتحرك ناحيتها ويأنس بها ، فعقدنا قراننا وانشغلنا في الإعداد للزواج ، فبدأنا نشترى قطع الأثاث ، وذات يوم دخلت محل سوبر ماركت قريب من بيتنا ، فإذا بي أجد نفسي علي غير توّقع أمام نسرين وبيدها طفل صغير وقد ذبل جمالها وانتشر الشعر الأبيض في رأسها وانكسرت نظرتها !
حين رأتني نسرين تهللت وتقدمت مني لمصافحتي باهتمام ، تسألني عن أحوالي ، وطلبت مني الخروج معها لنتمشى قليلاً ، حاولت الاعتذار بانشغالي لكنها ألحّت عليّ ولم استطع الرفض .
قالت لي إنها تعرف كم أجرمت في حقي ، وأنها كانت أنانية ونذلة معي ، لكن الأيام ثأرت لي منها فتعذبت في زواجها كثيراً ولاقت من زوجها الأمرّين بعد أن أنجبت منه طفلان !... وأنها يئست من الحياة معه وطلبت الطلاق ، ولن تيأس من الحصول عليه وتريدني أن أقف إلى جوارها كما وقفت قبل ذلك إلى جوارها في كل أزماتها !
ساعتها يا صاح اهتزت مناعتي وكل مشاعري ، فلم املك إلا أن أعدها بالمساعدة وانصرفت حائراً ، وفي اليوم التالي اتصلت بي وطلبت مني مرافقتها إلى المحامي الذي يتولى قضيتها ، وهناك ( أشفقت ) عليها مما تعانيه مع زوجها وتكررت زياراتي معها للمحامي وأقسام الشرطة ، وتجددت الاتصالات التليفونية بيننا كررت نسرين أسفها على ظلمها لي وأنها قد أخطأت في حق نفسها حين ضيّعتني من يدها ، وأنها الإنسانة الوحيدة التي تصلح لي لأنني لم أحب ولن أحب غيرها !
وحين قلت لها أنني أحب خطيبتي سوسن وأستريح أليها ، قالت لي أن هذا ليس حباً وإنما هروب من حبها هي وأن خطيبتي شابة صغيرة وجميلة وسوف تنساني في أقصر وقت ، ويمكن أن تسعد مع غيري بسهولة ، أما أنا فلن اسعد مع أحد سواها وان تسعد هي إلا معي بعد أن دفعت الثمن غالياً من عمرها وصحتها !
بكل أسف ضعفت كثيراً أمام نسرين وانشغلت عن خطيبتي وقلّت مقابلاتنا ، وعرفت أسرتي سر تحوّلي ولقاءاتي مع نسرين ، فإذا بالجميع غاضبون مني ، يتهمونني بالضعف والتخاذل ويقولون لي أن نسرين تلعب بي كيف تشاء وتنبذني حين تريد وتستعيدني حين ترغب!
أصبحت يا صديقي أعيش في حيرة كبيرة من أمري ، واضطربت حياتي وعملي من جديد ، وهددني أبي بأن يقاطعني ويسحب الشقة التي ما زال يدفع أقساطها مني !
وما زالت نسرين تزيد من حصارها حولي وتطالبني بعدم التخلي عنها وبعدم إتمام زواجي من سوسن لأنها كما تقول تعرفني أكثر مما أعرف
أنا نفسي ، وتعرف إنني أحبها ولن أسعد مع إنسانة أخرى سواها !
*مسكين صاحبي احمد ، لقد ضعف أمام تلك المرأة العنكبوتية التي وضعتها الأقدار في طريقه أينما ذهب ، لقد وقع الفتى في غرامها منذ الوهلة الأولى ، ورغم غدرها به أكثر من مرة فأنه يتحمل منها ما لا يتحمله غيره ، ويدوس على كرامته مرتين ! ... من أجل ماذا ؟!.. من اجل عيون نسرين التي استخدمته بخِسّة منقطعة النظير في إقناع أهلها بطلاقها من زوجها الأول ، وها هي الآن تريد أن تستخدمه مرة ثانية لمساعدتها في الحصول على الطلاق من زوجها الثاني ، ثم البدء في ترميم حياتها بعد الطلاق !!
أي ذل وأي هوان هذا ارتضاه الفتى احمد على نفسه ! .. ليس هكذا يفعل الحبيب بمنْ يحب ، فالحب الحقيقي عطاء متصل وتضحية وإشفاق على المحبوب من التبعات والعواقب ، إنه استعداد ذاتي ونفسي للتضحية من أجل حبيبه حتى لا يتكبد معاناة قطيعة الأهل وغضب الوالدين !
ثم ما ذنب سوسن كي يفعل بها ذلك ويذيقها من نفس كأس الغدر التي شربها حتي الثمالة !... إنه الحب المُغلّف بالغدر والجنون والأنانية ، إنه يذل صاحبه ويجعله خاضعاً منقاداً للحبيب المزعوم !
وأقول للمرأة العنكبوتية نسرين : هكذا هي الحياة فوز وخسارة وليست فوزاً دائماً كما تريدين ، فلابد أن تقبلي بدفع الثمن مرتين مقابل غدركِ بالمسكين أحمد واثنان من الرجال قبله !
ونصيحتي لصاحبي احمد : ابتعد عن تلك المرأة ( الشاذة ) .. فرّ منها فرارك من المجذوم ... لا تقل أنها قدرك الذي لا سبيل للفرار منه ، بل هي عنكبوت ينسج خيوطه حولك لتكون نهايتك على يديه !
ذلك هو المنطق العقلاني ، أم أننا ما زلنا نعيش في زمن مجنون ليلي ، نعشق جنون الحب ونرتضي حب الجنون !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمد عبد اللطيف النجار
أديب ومفكر مصري
# إقرار علي مسئوليتي الشخصية والأدبية والمهنية .......
جميع الأسماء والأماكن الواردة بقصصي من بنات أفكاري ( يعني من وحي خيالي ) وإن
كانت الأحداث والوقائع حدثت بالفعل وحقيقية 100% ــ هدفي هو نشر نوع جديد و
مبتكر من الأدب الإسلامي والإنساني الواقعي يسمو بالروح إلي آفاق رحبة من الرقي والحب
والتسامح ونشر الوعي الإسلامي بين كل الفئات بأسلوب سهل بسيط لا تعقيد فيه ولا غموض
شباب هذا العصر لا يقرءون ولا يهتمون مطلقاً بالقراءة لانشغالهم بالانترنت والفيس بوك ذلك العالم السحري الذي لا حدود ولا أوطان له ‘ فصار العالم كله قرية صغيرة ،، فكان و لابد من التفكير في إبداع أدب إنساني جديد يناسب تفكير شباب وفتيات القرن الحادي والعشرين ، وقد أخذت على عاتقي التفكير بجدية في ابتكار ذلك الأدب الهادف في سطور قليلة سريعة القراءة وفي نفس الوقت سريعة التأثير في النفس ، وقد وفقني المولي عز وجل في تأليف أكثر من 1500 قصة قصيرة أو ممكن تسميتها نصوص أدبية من الأدب الواقعي الذي يعالج نقائص النفس البشرية ويداوي جراحها !! وما زال التأليف مستمراً !!
أحمد عبد اللطيف النجار / أديب مصري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصص الهادف
جنون الحب
بقلم / أحمد عبد اللطيف النجار
أديب ومفكر مصري
$$$$$$ ليست مجرد قصة $$$$$$$
$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$
الحب .. آه من الحب !!
آه من تلك الكلمة العذبة الحانية وما تفعله ببني آدم حين تتحكم فيه وتتغلغل في كيانه ويصبح أسيراً ذليلاً لها ، وأحياناً كثيراً نراه منقاداً خاضعاً لمنْ يحب ... هذا ما عرفناه من سيرة مجنون ليلي وغيره من سيرة المحبين والعاشقين !
المفروض في الحب أنه شعور راق ، حسّاس يفيض بأنواره علي الناس بالنورانية والشفافية بحيث نري المحبين ملائكة تمشي علي الأرض ، لكن ما بالنا نرى حولنا نماذج شاذة عجيبة تتمسح في كلمة الحب ويدّعي أصحابها أنهم من المحبين المتيّمين !
هم في الواقع الملموس يعيشون أساري لمنْ يحبون ، يطيعونهم طاعة عمياء ، عاجزين خاضعين ، يعجزون عن التعبير عن إرادتهم ، ذلك أنها غالباً إرادة مسلوبة !
صاحبي أحمد شاب يافع لم يتعد الثلاثين من عمره جاءني ذات ليلة مهموماً يقول : نشأت في أسرة متماسكة أنا فيها الولد الوحيد بين ثلاث فتيات ، أشعرني أبي منذ طفولتي البريئة أنني رجل البيت المسئول عن حماية أخواتي البنات ، واستقر هذا الإحساس في وجداني فحاولت أن أكون عند حسن ظن أبي وعلى مستوى
المسئولية ... مرت الأيام والتحقت بإحدى المدارس الثانوية وأصبحت مسئولاً مسئولية كاملة عن أسرتي وحصلت على الثانوية العامة بمجموع كبير والتحقت بكلية الآداب ، فواصلت الدراسة فيها بنجاح حتي وصلت إلى سنة الليسانس .
ذات يوم رأيت فتاة جميلة ملائكية الملامح ، تلك هي نسرين .. رأيتها تقف أمام عمارة قريبة من عمارتنا فلفتت انتباهي بشدة وخفق قلبي بعنف عند رؤيتها ، فتسمّرت مذهولاً أمامها ولاحظت هي أنني انظر إليها بلا حراك كالتمثال تماماً مما دفعها للضحك !
رغم خجلي وارتباكي فإنني لم أغادر مكاني حتى فوجئت بها تسألني عما أصابني ؟!... فتغلّبت على خجلي وقدّمت لها نفسي .. سألتها عن عنوانها وأبلغتها برغبتي في التعّرف علي أسرتها ، ودُهِشت عندما وجدتها تعطيني العنوان !!
عدت لبيتي ورويت لأمي ما حدث من الفتاة وطلبت منها أن تزور أسرتها لتتعرف عليها تمهيداً للتقدم لخطبتها في المستقبل ، وافقت أمي رغم اعتراضها على تسرّعي ... بعد يومان اصطحبت أمي شقيقتي وزارت أسرة نسرين زيارة تعارف ، وطلبت منها زيارتهما واستجابت نسرين لرغبتهما ، وتكررت زيارتها لنا ، وتركزت حياتي كلها حول تلك الفتاة الملائكية ، حتى أنني أقوم بتوصيلها كل صباح إلى الجامعة وأعيدها بعد الظهر إلي البيت ، وكل ساعة اتصل بها تليفونياً أو تتصل هي بي ، وفي الصيف بدأت استعد للخطبة ، ففوجئت بها تطلب التأجيل حتى لا تعطلها الخطبة عن استكمال دراستها ، صعقت لهذا الطلب وحاولت بشتى الطرق إقناعها بأن نعلن خطبتنا ، لكنها رفضت حتى تنتهي من دراستها وأكدت بأنها لن تكون لأي إنسان آخر سواي وأنه لا داعي للتعّجل !
بعد فترة لاحظت تغيّرها وندرة اتصالاتها التليفونية بي ، ثم بدأت تتململ من ملازمتي لها في الذهاب للكلية وتطلب مني عدم توصيلها لأن ذلك يطلق فيها ألسنة زملائها وزميلاتها !
حاولت بكل الطرق استعادة حماستها القديمة بلا فائدة ورسبت في البكالوريوس بسبب انشغالي الشديد بها وحزنت أسرتي كثيراً لحالي!
ذات يوم فوجئت بنسرين تأتي لزيارة أمي وأختي وفي يدها بطاقة دعوة مُزيّنة بالورد الأبيض ، لقد كانت تدعوهم لحضور حفل عقد قرانها علي شخص آخر غيري ، لا أعرف متى عرفته وارتبطت به !
ساعتها دُهِشت لأنها قبلت عقد قرانها بدون خطبة لذلك الشخص وهي التي كانت تخشى أن تعّطلها خطبتي لها عن استكمال دراستها !
كانت الصدمة عنيفة عليّ فساءت حالتي النفسية وأهملت نفسي وملابسي وزهدت في الخروج ، وذات يوم جاءني صديق وحدّثني عن نسرين وكيف أنها لم تكن مخلصة لي منذ البداية وأنها لا تستحقني ، فلم أقبل منه هذا الكلام في حق الفتاة ! ورفضت أن يسئ إليها بكلمة قائلا له أن لها عذرها لأنني لم أتخرّج بعد ن وانصرف عني صديقي غاضباً .
تزوجت نسرين وانقطعت الصلة بيننا نهائياً واكتفيت بالحسرة وأنا أرقبها كل يوم من نافذة حجرتي تنزل مع زوجها في سيارته أمام عمارتها .. تضحك سعيدة وكأنها لم تطعن كرامتي وتخون حبي !
حاولت الخروج من محنتي بتركيز جهدي في الحصول على البكالوريوس وتفرّغت للاستذكار ، وفجأة ظهرت نسرين مرة أخرى في حياتي فزلزلت كياني ، حيث فوجئت بها ذات يوم تزور أمي وتبدي ندمها علي عدم الزواج مني، وكيف أن زوجها يسئ معاملتها هي وأسرتها وأنها تريد أن تتخلص من ارتباطها به ، فإذا بكلماتها تمسح كل آلام الغدر والخذلان التي عشتها عاماً كاملاً ، وإذ بي أبدي استعدادي لأن أقوم بأي شئ تطلبه مني يحقق لها سعادتها !
استغرقت تماماً في انشغالي بنسرين وبكل ما يحدث لها من مشاكل وخلافات مع زوجها وجاء موعد امتحان البكالوريوس وأديته وأنا مُشتت الذهن ، فكانت النتيجة أن رسبت مرة أخرى !
غضب مني أبي غضباً شديداً وأمر أمي وأختي بقطع صلتهما بهذه
الفتاة وطالبني بنسيانها تماماً وأن اختار أي فتاة أخري ليخطبها لي، لكني ضعفت أمام حبي لنسرين ، خاصة بعد أن انفصلت عن زوجها ، فتشجعت وطلبت أن أتقدم لأسرتها لكنها طلبت مني الانتظار حتى أحصل علي البكالوريوس أولاً ، فوافقت مضطراً وشجعتني أمي وأختي علي الاستذكار وطلبتا من نسرين مساعدتي علي ذلك بالإقلال من اتصالها بي كي أتفرغ للامتحانات ، وتفرغت تماماً للمذاكرة وواصلت الليل بالنهار إلي أن انتهيت من امتحان آخر مادة، وهرولت سعيداً إلى البيت لأتفق مع أمي علي تحديد موعد للخطبة ، فما أن وصلت شارعنا حتى لفت نظري وجود أنوار وزينات يتم تركيبها على واجهة العمارة التي تقيم فيها نسرين ، فأحسست بانقباض شديد لا أدري له سببا ، وعدت للبيت وسألت أمي عن سبب هذه الزينات ، فارتبكت وحاولت تغيير الموضوع وألححت عليها في السؤال فإذا بها تخبرني أن نسرين قد خُطبت وأنا مستغرق في الاستعداد للامتحان ، وأن اليوم هو موعد عقد قرانها السعيد !.. يا إلهي !!.. أتفعل هذا بي بعد كل هذا الحب والإخلاص ؟!
صارحتني أمي بأن هذه الفتاة غادرة وسيئة ولم تحبني يوماً ، وأنها لم تترك زوجها السابق من أجلي بل من أجل ذلك الشخص الذي عُقد قرانها عليه وأن عليّ أن أنساها نهائياً لأنها لا تستحقني .
كانت الصدمة قاسية عنيفة فساءت حالتي النفسية مرة أخرى إلي أقصى حد ، وكرهت الخروج ومقابلة أصدقائي الذين يعرفون كل شئ ولهم رأي سيء في نسرين ... احتفلت نسرين بعقد قرانها احتفالاً صاخباً ، وبدأت أراها كل يوم من نافذة حجرتي تدخل العمارة وتخرج منها في صحبة شاب وسيم والسعادة تتفجر من وجهها ، وبعد فترة قصيرة تزوجت وانتقلت إلى عش الزوجية ، واستراحت أمي لابتعادها عن الحي الذي نعيش فيه وبدأت تعرض عليّ صور فتيات جميلات من الأسرة والمعارف كي أخطب إحداهن ، لكنني كنت دائماً اعتذر لها لأن قد كرهت كل البنات ولم أعد في الزواج نهائياً !
بدأت ابحث عن عمل لأنسى آلامي وأكرمني الله بوظيفة مناسبة وانشغلت بعملي عن كل شئ ، ورضي أبي عن استقراري فترك لي سيارة الأسرة كي استخدمها في تنقلاتي ، وفي دائرة عملي تقرّبت مني أكثر من فتاة لكن نفسي كانت قد عافت خوض التجربة مرة أخرى فانصرفن عني يائسات واتهمنني بالغرور وثقل الدم وبأنني إنسان مُعّقد !!
ذات يوم تحّدث معي أبي حديث رجل لرجل ، قال لي إن الإنسان يستطيع أن يحب أكثر من مرة في حياته ، وأنني بامتناعي عن الزواج بسبب فتاة غادرة إنما أظلم نفسي وأظلم فتاة أخرى وأحجب عنها حظها في الزواج مني !.... اقتنعت بكلامه وسعدت بذلك كثيراً ، فحجز لي شقة فاخرة في حي المعادي الراقي ودعاني لزيارة بيوت أقاربه وأصدقائه معه لعل وعسي تعجبني إحدى بناتهن ، وقمت معه بالفعل برحلات مكوكية كثيرة للأقارب والأصدقاء وأخيراً مالت نفسي إلى سوسن إحدى فتيات العائلة ، وشجّع أبواي هذا الميل عندي بكل حماس لرقة الفتاة وكرم أخلاقها وجمالها وطيبة أبويها ، ووجدت لدى سوسن ميلاً واضحاً تجاهي ، فتقدمت لخطبتها وسعدت العائلة كثيراً بذلك ، أما خطيبتي فقد فاقت سعادتها كل وصف وعبّرت لي عن حبها بكل الطرق المحترمة واعترفت لي بأنها تمنتني لنفسها منذ أول مرة رأتني فيها ، والحمد لله كانت سوسن بريئة المشاعر وطيّبة إلى حد السذاجة ، وبدأ قلبي يتحرك ناحيتها ويأنس بها ، فعقدنا قراننا وانشغلنا في الإعداد للزواج ، فبدأنا نشترى قطع الأثاث ، وذات يوم دخلت محل سوبر ماركت قريب من بيتنا ، فإذا بي أجد نفسي علي غير توّقع أمام نسرين وبيدها طفل صغير وقد ذبل جمالها وانتشر الشعر الأبيض في رأسها وانكسرت نظرتها !
حين رأتني نسرين تهللت وتقدمت مني لمصافحتي باهتمام ، تسألني عن أحوالي ، وطلبت مني الخروج معها لنتمشى قليلاً ، حاولت الاعتذار بانشغالي لكنها ألحّت عليّ ولم استطع الرفض .
قالت لي إنها تعرف كم أجرمت في حقي ، وأنها كانت أنانية ونذلة معي ، لكن الأيام ثأرت لي منها فتعذبت في زواجها كثيراً ولاقت من زوجها الأمرّين بعد أن أنجبت منه طفلان !... وأنها يئست من الحياة معه وطلبت الطلاق ، ولن تيأس من الحصول عليه وتريدني أن أقف إلى جوارها كما وقفت قبل ذلك إلى جوارها في كل أزماتها !
ساعتها يا صاح اهتزت مناعتي وكل مشاعري ، فلم املك إلا أن أعدها بالمساعدة وانصرفت حائراً ، وفي اليوم التالي اتصلت بي وطلبت مني مرافقتها إلى المحامي الذي يتولى قضيتها ، وهناك ( أشفقت ) عليها مما تعانيه مع زوجها وتكررت زياراتي معها للمحامي وأقسام الشرطة ، وتجددت الاتصالات التليفونية بيننا كررت نسرين أسفها على ظلمها لي وأنها قد أخطأت في حق نفسها حين ضيّعتني من يدها ، وأنها الإنسانة الوحيدة التي تصلح لي لأنني لم أحب ولن أحب غيرها !
وحين قلت لها أنني أحب خطيبتي سوسن وأستريح أليها ، قالت لي أن هذا ليس حباً وإنما هروب من حبها هي وأن خطيبتي شابة صغيرة وجميلة وسوف تنساني في أقصر وقت ، ويمكن أن تسعد مع غيري بسهولة ، أما أنا فلن اسعد مع أحد سواها وان تسعد هي إلا معي بعد أن دفعت الثمن غالياً من عمرها وصحتها !
بكل أسف ضعفت كثيراً أمام نسرين وانشغلت عن خطيبتي وقلّت مقابلاتنا ، وعرفت أسرتي سر تحوّلي ولقاءاتي مع نسرين ، فإذا بالجميع غاضبون مني ، يتهمونني بالضعف والتخاذل ويقولون لي أن نسرين تلعب بي كيف تشاء وتنبذني حين تريد وتستعيدني حين ترغب!
أصبحت يا صديقي أعيش في حيرة كبيرة من أمري ، واضطربت حياتي وعملي من جديد ، وهددني أبي بأن يقاطعني ويسحب الشقة التي ما زال يدفع أقساطها مني !
وما زالت نسرين تزيد من حصارها حولي وتطالبني بعدم التخلي عنها وبعدم إتمام زواجي من سوسن لأنها كما تقول تعرفني أكثر مما أعرف
أنا نفسي ، وتعرف إنني أحبها ولن أسعد مع إنسانة أخرى سواها !
*مسكين صاحبي احمد ، لقد ضعف أمام تلك المرأة العنكبوتية التي وضعتها الأقدار في طريقه أينما ذهب ، لقد وقع الفتى في غرامها منذ الوهلة الأولى ، ورغم غدرها به أكثر من مرة فأنه يتحمل منها ما لا يتحمله غيره ، ويدوس على كرامته مرتين ! ... من أجل ماذا ؟!.. من اجل عيون نسرين التي استخدمته بخِسّة منقطعة النظير في إقناع أهلها بطلاقها من زوجها الأول ، وها هي الآن تريد أن تستخدمه مرة ثانية لمساعدتها في الحصول على الطلاق من زوجها الثاني ، ثم البدء في ترميم حياتها بعد الطلاق !!
أي ذل وأي هوان هذا ارتضاه الفتى احمد على نفسه ! .. ليس هكذا يفعل الحبيب بمنْ يحب ، فالحب الحقيقي عطاء متصل وتضحية وإشفاق على المحبوب من التبعات والعواقب ، إنه استعداد ذاتي ونفسي للتضحية من أجل حبيبه حتى لا يتكبد معاناة قطيعة الأهل وغضب الوالدين !
ثم ما ذنب سوسن كي يفعل بها ذلك ويذيقها من نفس كأس الغدر التي شربها حتي الثمالة !... إنه الحب المُغلّف بالغدر والجنون والأنانية ، إنه يذل صاحبه ويجعله خاضعاً منقاداً للحبيب المزعوم !
وأقول للمرأة العنكبوتية نسرين : هكذا هي الحياة فوز وخسارة وليست فوزاً دائماً كما تريدين ، فلابد أن تقبلي بدفع الثمن مرتين مقابل غدركِ بالمسكين أحمد واثنان من الرجال قبله !
ونصيحتي لصاحبي احمد : ابتعد عن تلك المرأة ( الشاذة ) .. فرّ منها فرارك من المجذوم ... لا تقل أنها قدرك الذي لا سبيل للفرار منه ، بل هي عنكبوت ينسج خيوطه حولك لتكون نهايتك على يديه !
ذلك هو المنطق العقلاني ، أم أننا ما زلنا نعيش في زمن مجنون ليلي ، نعشق جنون الحب ونرتضي حب الجنون !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمد عبد اللطيف النجار
أديب ومفكر مصري
# إقرار علي مسئوليتي الشخصية والأدبية والمهنية .......
جميع الأسماء والأماكن الواردة بقصصي من بنات أفكاري ( يعني من وحي خيالي ) وإن
كانت الأحداث والوقائع حدثت بالفعل وحقيقية 100% ــ هدفي هو نشر نوع جديد و
مبتكر من الأدب الإسلامي والإنساني الواقعي يسمو بالروح إلي آفاق رحبة من الرقي والحب
والتسامح ونشر الوعي الإسلامي بين كل الفئات بأسلوب سهل بسيط لا تعقيد فيه ولا غموض
شباب هذا العصر لا يقرءون ولا يهتمون مطلقاً بالقراءة لانشغالهم بالانترنت والفيس بوك ذلك العالم السحري الذي لا حدود ولا أوطان له ‘ فصار العالم كله قرية صغيرة ،، فكان و لابد من التفكير في إبداع أدب إنساني جديد يناسب تفكير شباب وفتيات القرن الحادي والعشرين ، وقد أخذت على عاتقي التفكير بجدية في ابتكار ذلك الأدب الهادف في سطور قليلة سريعة القراءة وفي نفس الوقت سريعة التأثير في النفس ، وقد وفقني المولي عز وجل في تأليف أكثر من 1500 قصة قصيرة أو ممكن تسميتها نصوص أدبية من الأدب الواقعي الذي يعالج نقائص النفس البشرية ويداوي جراحها !! وما زال التأليف مستمراً !!
أحمد عبد اللطيف النجار / أديب مصري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليقات
إرسال تعليق